نظرة عامة
فقر الدم اللاتنسجي هو حالة نادرة وخطيرة تتميز بعدم قدرة الخلايا الجذعية في نخاع العظم على إنتاج ما يكفي من خلايا الدم، مما يجعل الجسم أكثر عرضة للنزيف والالتهابات غير المنضبطة. ويعتبر فقر الدم اللاتنسجي شكل من أشكال متلازمة فشل نخاع العظم.
من المعلوم أن الجسم يُنتج خلايا الدم الحمراء وخلايا الدم البيضاء والصفائح الدموية. ولكن مع فقر الدم اللاتنسجي، يمكن أن يتوقف أو يقل إنتاج الجسم لإحدى هذه الخلايا الثلاث أو أغلبها في الدم. إذ يمكن أن يكون هذا المرض قاتلاً إذا انخفض عدد الدم بشكل كبير.
أظهرت الدراسات أن الجهاز المناعي للجسم يهاجم أنسجته وأعضائه في معظم حالات فقر الدم اللاتنسجي الشديد. وفي مثل هذه الحالات الشديدة، قد تكون هناك حاجة ماسة لعملية زراعة نخاع العظم في علاج المرض. كما أن العلاج بالأدوية أو عمليات نقل الدم هي أيضا من العلاجات المحتملة لفقر الدم اللاتنسجي.
هناك نوعان من فقر الدم اللاتنسجي وهما: فقر الدم اللاتنسجي المكتسب، وفقر الدم اللاتنسجي الموروث. حيث ينجم فقر الدم اللاتنسجي المكتسب عن مشاكل في الجهاز المناعي، بينما يحدث فقر الدم اللاتنسجي الموروث بسبب عيوب جينية.
الأعراض:
قد تختلف الأعراض من شخص لآخر، وقد تظهر بشكل تدريجي أو مفاجئ. حيث تشمل الأعراض ما يلي:
- التعب.
- شحوب الجلد.
- الصعوبة في التنفس.
- الالتهابات المتكررة أو الطويلة.
- عدم انتظام ضربات القلب أو تسارعها.
- حدوث النزيف أو الكدمات بسهولة.
- النزيف الشديد للجروح.
- الصداع أو الدوخة.
- الطفح الجلدي.
- الحمى.
في بعض حالات الإصابة بمرض فقر الدم اللاتنسجي، قد تستمر الإصابة لفترة قصيرة. أو أنها يمكن أن تتطور إلى حالة مزمنة أو مهددة للحياة.
الأسباب:
يتم إنشاء خلايا الدم الحمراء وخلايا الدم البيضاء والصفائح الدموية بواسطة الخلايا الجذعية في نخاع العظم. إذ تلعب كل خلية من خلايا الدم دورًا مختلفًا، حيث تقوم خلايا الدم الحمراء بنقل الأكسجين إلى جميع أنحاء الجسم، وخلايا الدم البيضاء تحارب العدوى، والصفائح الدموية تعمل على تخثر الدم وتمنع النزيف. فعندما تتعرض الخلايا الجذعية للخطر، فإنه يمكن أن يؤدي ذلك إلى أن يصبح النخاع العظمي فارغاً (لاتنسجي) أو ناقص التنسج (عدد قليل من خلايا الدم).
تعد مشاكل الجهاز المناعي، وتحديدًا تلف الخلايا الجذعية في نخاع العظم، السبب الأكثر شيوعًا لفقر الدم اللاتنسجي. كما أن هناك عوامل أخرى يمكن أن تضر نخاع العظم، وتؤثر على إنتاج خلايا الدم، وهي كما يلي:
- العلاج الإشعاعي والكيميائي: تعتبر هذه العلاجات الطبية أداة قوية لعلاج السرطان. كما أن الأدوية والأشعة السينية عالية الطاقة تعمل أيضاً على تدمير الخلايا السرطانية ووقف نمو الورم. ومع ذلك، فإنها يمكن أن تضر أيضًا بالخلايا السليمة، بما في ذلك الخلايا الجذعية لنخاع العظم. عادة ما يكون فقر الدم اللاتنسجي المرتبط بهذا بشكل مؤقت.
- التعرض للمواد الكيميائية السامة: التعرض لمواد ضارة يمكن أن يؤدي إلى الإصابة بمرض فقر الدم اللاتنسجي. حيث تشمل المواد السامة تلك التي يتم إنتاجها في مبيدات الأعشاب والمبيدات الحشرية والبنزين أو أحد مكونات البنزين.
- الأدوية: يمكن أن يحدث فقر الدم اللاتنسجي بسبب تناول العديد من الأدوية، بما في ذلك بعض المضادات الحيوية وأدوية التهاب المفاصل الروماتويدي.
- اضطرابات المناعة الذاتية: قد تتأثر الخلايا الجذعية في نخاع العظم بأحد أمراض المناعة الذاتية مثل: التهاب اللفافة اليوزيني أو الذئبة الحمراء. حيث يهاجم الجهاز المناعي الخلايا السليمة للدم مما يؤدي إلى حدوث فقر الدم اللاتنسجي.
- الحمل: قد يحدث فقر الدم اللاتنسجي أثناء الحمل إذا هاجم الجهاز المناعي نخاع العظم.
- العدوى الفيروسية: يرتبط فقر الدم اللاتنسجي بفيروسات التهاب الكبد، وإبشتاين-بار، والفيروس المضخم للخلايا (CMV)، والفيروس الصغير B19، وفيروسات نقص المناعة البشرية (HIV) ، وهذه الالتهابات الفيروسية يمكن أن تؤثر على نخاع العظام وتسبب مرض فقر الدم اللاتنسجي.
- فقر الدم اللاتنسجي مجهول السبب: السبب الكامن وراءه غير معروف.
الروابط الأخرى النادرة مع الاضطرابات:
هناك اضطرابات أخرى للدم يمكن أن يعاني منها المصابون بفقر الدم اللاتنسجي، مثل: فقر الدم فانكوني، والبيلة الهيموجلوبينية الليلية الانتيابية.
- فقر الدم فانكوني (FA) : هو اضطراب وراثي يمكن أن يسبب فقر الدم اللاتنسجي. ويمكن أن يؤدي أيضًا إلى تشوهات جسدية التي قد تغير من مظهر الشخص، مثل: الأطراف الغير متكتملة النمو.
- البيلة الهيموجلوبين الليلية الانتيابية: هي حالة نادرة تؤدي إلى تكسر خلايا الدم الحمراء قبل الأوان. حيث قد ينجم مرض فقر الدم اللاتنسجي عن هذا الاضطراب، أو يحدث العكس بحيث قد يتطور مرض فقر الدم اللاتنسجي نفسه إلى بيلة هيموجلوبينية ليلية انتيابية.
عوامل الخطر
فقر الدم اللاتنسجي نادر الحدوث، وعلى الرغم من ذلك فإنه قد يؤثر على أي شخص. لاسيما أن هناك عوامل تزيد من نسبة الإصابة به:
- علاج السرطان، مثل: العلاج الإشعاعي والعلاج الكيميائي.
- التعرض للمواد السامة.
- الأدوية الموصوفة، مثل: مركبات الذهب لالتهاب المفاصل الروماتويدي، والكلورامفينيكول لعلاج الالتهابات البكتيرية.
- أمراض المناعة الذاتية والعدوى الشديدة.
- الحمل (نادر).
اضطرابات الدم الأخرى:
تشير الإحصائيات إلى أن فقر الدم اللاتنسجي منتشر بشكل شائع لدى الآسيويين أو الأمريكيين الآسيويين، أو المراهقين، أو الشباب البالغين، وأولئك الذين تبلغ أعمارهم 65 عامًا وأكثر.
التشخيص:
قد يطلب الطبيب عدة اختبارات للتأكد من تشخيص فقر الدم اللاتنسجي:
- اختبارات الدم: في هذا الفحص يمكن قياس مستويات خلايا الدم الحمراء وخلايا الدم البيضاء والصفائح الدموية في الجسم. فإذا تبينت في النتائج أن مستويات هذه الأمور الثلاثة ليست في المعدل الطبيعي، فقد يشير إلى أن المريض يعاني من فقر الدم اللاتنسجي.
- خزعة نخاع العظم: هذا الإجراء ضروري للتأكد من تشخيص فقر الدم اللاتنسجي. حيث يتم أخذ عينة صغيرة من نخاع العظم ويتم فحصها تحت المجهر. فإذا تبين أن نخاع العظم ينتج خلايا دم أقل من المعدل الطبيعي، فهذا يعني أن المريض مصاب بفقر الدم اللاتنسجي. لاسيما أن هذا الإجراء يساعد أيضًا في استبعاد اضطرابات الدم الأخرى.
قد يطلب الطبيب اختبارات إضافية لتحديد السبب الكامن وراء الإصابة بفقر الدم اللاتنسجي.
العلاج:
هناك العديد من أنواع العلاجات المتاحة لفقر الدم اللاتنسجي، مثل: زرع نخاع العظم، ونقل الدم، والأدوية. حيث سيحدد الطبيب الخيار الأنسب، بناءً على التاريخ الطبي وشدة الحالة وعمر المريض. كما أنه من الضروري أن يتلقى المريض الرعاية الطبية العاجلة، إذا كانت نسبة الدم منخفضة للغاية. حيث يمكن أن يؤدي ذلك إلى الوفاة.
- عمليات نقل الدم: إن عملية نقل الدم تساعد في تعويض خلايا الدم الحمراء والصفائح الدموية التي قد تكون منخفضة للغاية. إذ يمكن أن يخفف بعض الأعراض بشكل فعال، مثل: التعب والكدمات. ولكن هناك حالات، يمكن أن تحدث المضاعفات فيها عند التعرُّض لنقل الدم عدَّة مرات. حيث تحتوي خلايا الدم الحمراء المنقولة، على الحديد الذي يُمكن أن يتراكم في الجسم، وقد يتلف الأعضاء الحيوية الأساسية ما لم يُعالج. كما أن الحديد الزائد في الدم، يمكن التخلص منه عن طريق الأدوية.
من المعروف أن تناول الأدوية المثبطة للمناعة يمنع الجهاز المناعي من إنتاج الأجسام المضادة ضد الدم المنقول. وهذا أمر بالغ الأهمية في الحفاظ على قدرة الدم المنقول على علاج الأعراض.
- زرع الخلايا الجذعية: تعتبر زراعة الخلايا الجذعية أو ما يعرف أيضًا باسم زرع نخاع العظم، من أنجح الخيارات العلاجية لمرض فقر الدم اللاتنسجي. إذ يتلقى المريض خلايا جذعية سليمة من خلال عملية زرع نخاع العظم، لتحل محل النخاع التالف. والتي يمكن الحصول عليها إمّا عن طريق التبرع، أو عن طريق الخلايا الجذعية المحيطية، أو من خلال دم الحبل السري.
بالإضافة إلى أنه يتم تدمير النخاع العظمي التالف عن طريق الإشعاع أو المعالجة الكيميائية. ليتم بعد ذلك حقن الدم الذي يحتوي على الخلايا الجذعية السليمة عن طريق الوريد إلى داخل مجرى الدم، ومن ثم تنتقل إلى تجاويف النخاع العظمي لتبدأ عملية إنتاج خلايا دم جديدة.
عادةً ما يتم إعطاء الأدوية للمساعدة في منع رفض الجسم للخلايا الجذعية التي تم التبرع بها بعد عملية الزرع. حيث قد تتطلب عملية زراعة نخاع العظم إلى إقامة لفترة أطول في المستشفى، كونها تنطوي على العديد من المخاطر. بالإضافة إلى أنه يمكن أن تحدث مضاعفات خطيرة وعدوى إذا رفض الجسم عملية الزرع تلك. ولذلك، قد لا يكون الجميع مؤهلين لإجراء عملية زرع الخلايا الجذعية أو التمكن من العثور على متبرع مطابق.
- مثبطات المناعة: هناك حالات قد لا تستطيع الخضوع لعملية زراعة نخاع العظام، أو أنها تعاني من فقر الدم اللاتنسجي بسبب إضطراب المناعة الذاتية. وهؤلاء الأشخاص يمكن معالجتهم بالأدوية التي تثبط جهاز المناعة لديهم (مثبطات المناعة)، حيث تعمل هذه الأدوية، مثل: السيكلوسبورين (الجينجراف، والنيورال، والسانديميون) والغلوبولين المضاد للخلايا الثيموسية (ATG) ، على تثبيط نشاط الخلايا المناعية التي تضر بنخاع العظم الخاص بالمريض. إذ يساعد هذا العلاج على تعزيز التشافي للنخاع العظمي وتوليد خلايا دم جديدة. وغالبًا ما يُستخدَم السيكلوسبورين والغلوبولين المضاد للخلايا الثيموسية معًا. وكذلك الكورتيكوستيرويدات، مثل: الميثيل بريدنيزولون (ميدرول، سوليوميدرول) مع تلك الأدوية.
على الرغم من فعالية تلك الأدوية، إلاّ أنها تضعف جهاز المناعة لدى المريض، وقد ينتكس ما يصل إلى 50% من المرضى أو قد يصابون لاحقًا بالمزيد من أمراض تكوّن الدم أو الأورام الخبيثة، عند إيقاف هذه الأدوية.
- منشطات نخاع العظم: تُساعد بعض الأدوية على تحفيز نخاع العظم لإنتاج خلايا دم جديدة، وهي الأدوية التي تحتوي على العوامل المُحفزة للمستعمرات، مثل: سارجراموستيم، وفيلجراستيم، وبيجفيلجراستيم، وإيبوتين ألفا، والترومبوباج.
- المضادات الحيوية ومضادات الفيروسات: غالبًا ما توصف المضادات الحيوية أو الأدوية المضادة للفيروسات، للمساعدة في تجنب العدوى للمرضى الذين يعانون من فقر الدم اللاتنسجي الشديد. وذلك بسبب أن هؤلاء المرضى لديهم ضعف في جهاز المناعة، مما يجعلهم أكثر عرضة للإصابة بالعدوى. وغالباً ما يُنصح بزيارة الطبيب فور ظهور أعراض العدوى، مثل الحمى، لأنها قد تؤدي إلى مضاعفات خطيرة.
- العلاجات أخرى: عادة ما يتحسن فقر الدم اللاتنسُّجي الناجم عن المعالجة الإشعاعية والكيميائية للسرطان بعد توقف تلك العلاجات. وينطبق الشيء نفسه على معظم الأدوية الأخرى التي تؤدي إلى فقر الدم اللاتنسُّجي. كما أن النساء الحوامل المصابات بفقر الدم اللاتنسُّجي يتم علاجهن عن طريق نقل الدم. وغالباً ما يتحسن فقر الدم اللاتنسُّجي المرتبط بالحمل بمجرد انتهاء الحمل. وإذا لم يحدث ذلك، فما يزال العلاج ضروريًّا.
للمزيد من المعلومات ولحجز المواعيد، نرجو الاتصال بنا من خلال فريقنا في الخدمات العربيّة
- Readers Rating
- Rated 4.5 stars
4.5 / 5 (Reviewers) - Outstanding
- Your Rating